Friday 8 March 2013




لانى احبك تركت






..  
(الى تلك الصديقة التى تنكبت الدروب الصعبة….وكان الحزن الاكبر)
عندما سافر إلى الخارج لدراسة الطب.. شق عليه فراقها فكتب إليها في أول رسالة :
أمل
ها هي ذي الأقدار تأخذني بعيدا..لأعرف كم تعنى لي أنت. منذ سفري وأنا أحس بألم طاغي
وحزن لا يتبدد…فهل إحساسي هذا إحساسا عاديا؟ تجاه أخت؟
من قبل كنت أقول انك أختي ولكن ألان لا أعتقد أن هذا الشعور والحزن هو شعور
أخ لأخته.. أرجو آلا تغضبي منى ولكن أظن أنني احبك ليس حبا اخويا إذا كنت
تريدين أن تعرفي. أتمنى أن تتفهمي موقفي.. هل تذكرين في العام السابق عندما تقرب لك
علي كيف أنني قد غضبت وثرت فيه؟؟.. هذه الثورة لم تكن لأنك أختي قد كنت في حالة غيرة
ولكنني فضلت أن أنكر هذا الإحساس وأحوره وألونه.. ولكن ألان بما لا يدع مجالا للشك
فأنا احبك..
أبدا مشتاق
ناصر
كتبت له :
ناصر
سلامات
لا أدرى ماذا أقول لك .. ولكنني حزينة لابتعادك وها هى `ذى الايام والمسافات تباعد بيننا
اعلم انك دائما في القلب..وأنى سعيدة أنك وجدت تفسيرا لما يربطنا معا غير تلك الاخوة
المدعاة.. أما بخصوص غضبك من علي لقد قال لي علي انه لم يعرف سببا لغضبك هذا غير
انك تحبني..ولا أكذب عليك لقد أحسست بالسعادة لهذه الفكرة.. أتمنى أن تداوم على الكتابة
كما يقولون الجواب نصف المشاهدة ..
دوما لك
أمل
قرأ ناصر رسالة أمل عشرات المرات وفى قلبه دبيب وفى عينيه دموع ليته لم يأت إلى هنا
ليته لم يبتعد عنها.. تذكر أول مرة رآها فيه عندما انتقلوا إلى مدينة جديدة وسكنوا
في حي قريبا من المدرسة التي يعمل فيها والده.. خرج هو وأخاه إلى الشارع
ووجدوا مجموعة من الأطفال تلعب تحت شجرة كبيرة فاقتربوا منهم ..
ودعوهم الأطفال للمشاركة في اللعب.. وهناك تعرف على أمل و أخويها
كانت أمل تصغر أخويها كانت فى حوالي السابعة وكان هو في العاشرة
واحد اخوتها في سنه والآخر يكبره بعامين.. ومنذ لك اليوم صار لا يفارقهم أبدا
فكان من الصباح يذهب إليهم في البيت في طريقه إلى المدرسة فيخرجوا معه
وكان يدهشه أن أختهم تذهب إلى مدرسة الأولاد آلتي كان والدها مديرها
ولكن عرف مؤخرا لان مدرسة البنات في الطرف الآخر من المدينة وبعيدة
فضل الأب أن تذهب أمل إلى مدرسة الأولاد القريبة..وصارت أمل جزء من حياته
فهو مثل اخوتها يحميها ويفرض وصايته عليها.. فكانت هي طفلة غريبة الأطوار ..
فهو أبدا لا ينسى عندما طاردهم كلب عقور.. وسقط هو على الأرض أمل الوحيدة التي رجعت
لتنقذه من ذلك الكلب, حيث صبت على الكلب وابل من الحجارة والرمل حتى تركه وركضا
بعيدا.. منذ ذلك اليوم صارت لها مكانة خاصة عنده .. فهو يذكر ايضا يوما ذهبوا جميعا لشجرة "نبق" كبيرة
وصاروا يرمون الحجارة عليها.. فدخلت أمل تحت الشجرة فسقط عليها حجر عالق وشج رأسها ..
وسال الدم وهو لا ينسى كيف انه صرخ وولول اكثر منها ومن أخويها وكيف خلع قميصه ليربط
جرحها.. وحملها وركض بها إلى أمها.. فكان اهتمامه الشديد بها يرفع اكثر من حاجب في الأسرة
ويثير ضحك أسرته.. عندما تأتى جدته من القرية محملة بالأشياء و وكان يقسم نصيبه من الأشياء إلى جزئين.. وينتظر شروق الشمس ليذهب لهم ويعطيها نصيبها.. مرت الأيام
وعندما دخلت أمل المدرسة المتوسطة صارت لا تلعب معهم ولا تخرج كما كانت تفعل من قبل
وكان هو يذهب إلى بيتهم ليراها ولكن بدأت أمه تطلب منه أن يخفف من زياراته لهم بحجة أن أسرتها قد لا توافق خاصة انه صار كبيرا.. وهذا الاختلاف في حياته صار يحزنه فهو لم يعد
يراها أو يلعب معها مثلما كان يفعل من قبل.. فصار ينتظر قرب بيتهم حتى إذا خرجت إلى المدرسة
لحق بها كان يوصلها إلى المدرسة ثم يرجع مرة أخرى ليصل إلى مدرسته.. كانت هذه اسعد
فترة في حياته فكان يتحدث معها ويثرثر في كل المواضيع لاحظ ا هناك تحول كبير حدث لها
لم تعد تلك الطفلة الثرثارة كانت تسمعه وتبتسم فقط ولا تقهقه كما كانت تفعل
في السابق.. كم كره هذا التغير وتمنى لو بقيا أطفالا الى الابد لقد كان سعيدا من قبل اكثر..
وكان يستشيط غضبا إذا رأى أحد الأولاد الكبار ينظر إليها.. فكان يحرض اخوتها
على كل من ينظر إليها.. مرت الأيام و السنين وهاهو يذهب بعيدا لتلقى العلم ويتركها
في ذلك الزمن لم يكن يحتاج أن يحدد ماهية علاقته معها ولكن فراقها شق عليه
وصار حزينا يائسا.. كان يجلس الساعات يكتب لها رسائل طويلة يحكى لها
عن حياته والجامعة وكيف انه كل ما يرى شيئا يفكر ماذا سيكون تعليقها عليه فهو يستصحب خيالها معه في كل لحظة.. مرت السنين… عندما ذهب في العطلة الصيفية قرر أن يخبر والده
بأنه يرغب في أن تخطب أمل له… وكان يعتقد أن الأمر مفروغ منه ولكن فوجئ عندما رفض والده
و أخبره أن مثله لا يمكن أن يتزوج مثلها فدهش دهشة كبيرة وسأل والده لماذا ؟!
فقال له الأب:
هؤلاء لا قبيلة لهم يا ولدى..وجدودها كانوا ارقاء…
فذهل ناصر وقال: لقد توقفت الحروب يا أبى ولا نحتاج لقبيلة.. أنا أريدها يا أبى
لا يهمني إذا كانت لديها قبيلة أم لا..رفض الأب رفضا باتا وقال له اذهب وحدك
وكان هو يعرف أن أسرة أمل لن تقبل به وحده..
قال ناصر لأبيه يا أبى لقد عشنا معهم منذ سنوات طويلة أكلنا طعامهم واكلوا طعامنا
أحببناهم أحبونا وأنت صديق والدها وأمي صديقة والدتها فلماذا يا أبى ترفضها
ولماذا تقف أمام سعادتي بعذر لا اهتم به كثيرا ما يهمني يا أبى أن أتزوجها
.. رفض الأب بعناد وسط له ناصر كل أفراد الأسرة ولكن بقى على رأيه
رجع ناصر ليكمل عامه الأخير والحيرة تلفه هل يخبر أمل أم لا؟
فقرر ألا يخبرها إلا عندما يقابلها وجها لوجه إذ أن اللغة المكتوبة
قد لا توصل المعنى المراد.. وكان يكاتبها فقدت كتابته لها رونقها والقها
وصار غصبا عنه ينقل أفكار سوداء في رسائله أحست هي بشقائه وتمزقه ولكن لم تجد تفسيرا لهذا
الشقاء أسرت في نفسها ربما.. تغير إحساسه تجاهها وكذلك هي فقدت رسائلها رونقها والقها
وصارت المراسلات التي كانت تجلب الفرح والسعادة تجلب كثير من المعاناة والحزن
قررت أمل أن تعرف الحقيقة و بالفعل عرفت أن ناصر كان قد اخبر والده ووالده رفض
فجلست أيام تبكى وفسرت قلة الرسائل ربما ناصر يريد الانسحاب .. فقررت أن تكون نهاية هذه القصة بيدها لا بيد عمر.. فقبلت الزواج من ابن عمها الذي تقدم لها وتمت الخطوبة وكانت أمل في غاية الحزن.. أخبرتها أمها أن مثلك يا ابنتي لا يمكن أن تتزوج ناصر أن أسرته لن توافق لأننا يا ابنتي
مختلفين عنهم.. صرخت أمل نحن ناس وهم ناس يا أمي .. فقالت الأم: يجب أن نمدد أرجلنا بقدر الحفتنا يا ابنتي التطلع يورث الألم..و خيبة الأمل تعصف بالإنسان بكت أمل لفترة طويلة
هي تحبه وهو يحبها فلماذا لا يكون هذا سببا كافيا للزواج ما دخل القبيلة في هذا الزواج
وتقرر أن تتزوج أمل ابن عمها وبالفعل تم الزواج وارتحلت أمل إلى الخارج معه.. وعاد ناصر وعرف
ما حدث وحزن حزنا فائقا فأختار أن يعمل في منطقة نائية بعيدا عن كل من يعرفهم
يقضى ليله في اجترار الذكريات ويقرأ رسائلها له ويبكى.. كيف تركته هكذا لماذا لم
تعطيه فرصة للدفاع عن حقه في الزواج منها !!؟؟لماذا استسلمت ؟
لقد قالت له: انها فقط
تريد أن تجنبهه مغبة الأحزان والمتاعب أن هذا المجتمع الذي لا ينظر إلى إنسانية الإنسان إلا من خلال الأعراق لا يمكن أن ينجح فيه زواج مثل هذا.. لان المتاعب ستقتل الحب و تبقى الحسرة في القلوب
ها أنا ذي أتتركك وفى قلبي حب كبير لا يتبدد..فلماذا تعتقد أن الحب يفضي إلى الزواج دائما.. اننى رأى
أن الحب يبقى في القلب إلى أن يتوقف نبض هذا القلب.. فلا تحزن.. قالت لي أمي :
أ ليس كل من نحبهم نستطيع أن نتزوجهم.. ففي بلادنا الحب شئ والزواج شئ آخر.. فسامحنى فقط لانى أحبك حدث ما حدث].. لطيبة التي حفظت الجميل وضحت لأجلنا بحياتها..

No comments:

Post a Comment