Friday 8 March 2013


     جاركوت 



    الى الشهيدين عادل نقد, ويس لوال أرو ,تمثيلاً في كل من مات في الجنوب من الجانبين.. فتية آمنوا بالكفاح المسلح
    وقدموا التضحية الكبرى لما آمنو به,, راصفين طريق السلام بعظامهم وساقين ورورد الحرية بدمائهم.







    ( هذه القصة قصة حقيقية حدثت في الجنوب)

    لا اذكر على وجه التحديد متى رأيتها لأول مرة..ولكن أذكر أنها
    كانت تأتي إلى المعسكر بانتظام تعالج جرحاً متعفناً في قدمها..
    اخبرني صديقي إن "جاركوت" أتت وهي تعاني من حمي شديدة
    ناجمة عن جرحها هذا.. أتت إلى البوابة .. وسألت الحارس أن يساعدها
    وبما انه كان من المستحيل إدخالها المعسكر إلا أن الحارس عطف عليها
    وأتي إلى ممرض الوحدة وأخبره.. فذهب مع الممرض ورآها ترتعد من الحمى وتبكي….ففكر الممرض كيف يحل مشكلتها.. لا يستطيع إدخالها إلى المعسكر تحت أي ظرف من الظروف وفي ذات الوقت لا يمكن أن يتركها هكذا.. فذهب واخطر الطبيب الذي حضر ومعا نظفا جرحها
    أعطاها حقنة مضاد حيوي..وقال لها عليها ان ترجع يوميا لتأخذ جرعة المضاد الحيوي.. ومن يومها صارت "جاركوت" تأتى يوميا فيخرج الممرض لها إلى البوابة وينظف الجرح ثم يحقنها بالجرعة.. فتحسنت صحتها..فكانت تأتى لهم بثمار الباباي والأناناس. وبلغة عربية مكسرة
    تشكرهم.. كانوا يحسون بامتنانها لهم من نبرة صوتها العطوفة الحانية..
    مرت الأيام وصار وجود "جاركوت" عاديا لا يثير حتى العساكر الذين كانوا يعتقدون أن هذا نوع من الغباء والغفلة في أن يتركونها قريبة هكذا من المعسكر .. ولكن بعد مشاحنات لا حد لها مع الممرض حسمها الطبيب الأعلى رتبة.. بأن جاركوت ستأتي يوميا لتلقي العلاج
    دون أن يحتج أحد.. وقليلا قليلا صارت "جاركوت " أهم شخص يعرفه الجنود خارج المعسكر..الكل صار يحبها ويتجمعون حولها
    عندما تأتي.. بادلتهم جاركوت حب بحب ومودة بمودة..
    إلى ان كان ذلك اليوم الحاسم عندما وصل جنود من الحركة الشعبية إلى قرية "جاركوت".. وفجأة من وسط الأشجار انبثقت جاركوت
    راكضة وهى تصوت بأعلى صوتها ثم سقطت على الأرض.. استعد الجنود بأسلحتهم
    وبلغ الضابط الرآسة إن هناك هجوم ويريدون الأذن للخروج لتقصي
    الحقائق.. وعندما ظهرت جاركوت لم ينتظروا أي رد خرج جيب
    به الممرض وبعض الجنود أسرعوا تجاه المكان الذي سقطت فيه جاركوت.. بينما كون الآخرون حماية لهم نزل الممرض حمل جاركوت سريعا ادخلها في الجيب ورجع الجيب وانهال عليه الرصاص من الغابة.
    حيث كون جنود المعسكر سد أمان وصاروا يطلقون الرصاص..
    وصل الجيب و حملت جاركوت إلى العيادة الميدانية.. واشتعلت الإشاعة في المعسكر حيث قليل ان جاركوت جريحة جرحاً قد يؤدي
    بحياتها.. وحضر الكل يتسقطون الأخبار وجاركوت في الداخل
    وكل يدعوا لها بالسلامة..خرج الطبيب وبحزن قال لهم نحتاج لنقلها
    إلى المعسكر الكبير.. فتبرع العشرات لفعل ذلك.. ولكن كان الوضع الأمني غير مطمئن والقيادة قالت أنها سترسل طوافة لتختبر هذا الهجوم المعادي.وطلبت منهم البقاء في المعسكر إلى أن يعطوا أوامر أخرى.
    الطبيب اخبرهم أنها فقدت كثير من الدم. وعندما لم نستطع أن نفعل شئ طلبنا منه أن يقوم بعمل العملية في العيادة. شمر الكل عن سواعدهم متبرعين بالدم لها.وقف كل المعسكر أمام العيادة حتى القائد أتى بنفسه ليطمئن على وضع جاركوت الصحي..
    صلينا صلاة الحاجة.. ولم ينقطع الدعاء وجاركوت تقاتل من اجل حياتها و الطبيب يجاهد في إنقاذها أذن المؤذن لصلاة الفجر
    خرج الطبيب وقال انه لا فائدة قد ماتت جاركوت الطيبة
    وصلينا جماعة والدمع ينزل من مآقينا مدرارا.. حزن عميق
    تمدد في دواخلنا.. وعلا نحيب البعض في هذه اللحظة
    سمعنا صوت الطوافة.. التي نزلت في المعسكر.. وقيل لنا انه كان هناك هجوماً جزئياً..وكان هناك كمين معد للمعسكر لولا ان جاركوت
    عرفت ذلك واتت وهي تصرخ لتنبهنا إلى ذلك الهجوم..حيث اطلق عليها جندي معادي النار.. فبكينا
    لهذه المرأة الطيبة التي حفظت الجميل وضحت لأجلنا بحياتها..

No comments:

Post a Comment